إيناس الصديق فيما للمطاعنة من تاريخ عريق
المطاعنة : عرفت في العصر القديم باسم "باتير " وفي عهد العرب و دخولهم مصر عرفت باسم الجبلين و اختفى اسمها القديم و في العهد العثماني سميت الناحية باسم المطاعنة نسبة الى عرب المطاعنة المستوطنين بها وقد كانت تتبعها عدة قرى و نجوع كالغريرة و أم سطيح ، ذكر جوتييه في قاموسه أن مدينة الجبلين تقع بين أرمنت و إسنا تحت جبل الشيخ موسى وقد كان اسمها المصري pihathor و اسمها الروميpathyris او phhyrites و اسمها القبطي bathyr حيث كانت الحد الفاصل بين الاقليم الثالث و بين الاقليم الرابع من اقاليم مصر الجنوبية(1) .
أما في العصر الاسلامي فقد وردت في التحفة السنية لابن الجيعان من ضمن الاعمال القوصية ، حيث كانت تبلغ مساحتها 1430 فدان وعبرتها 3000دينار كانت للديوان السلطاني ، ثم في زمن ابن الجيعان أيام الأشرف شعبان صارت باسم الامير يشبك الدوادار (التحة السنية باسماء البلاد المصرية الشيخ الامام شرف الددين ابن المقر بن الجيعان ص191.(2)
وقد وردت الجبلين ايضا في قوانين الاسعد بن مماتي من ضمن الاعمال القوصية ، و هو اقدم ذكر لها حسبما أعلم و ابن مماتي هو الوزير الايوبي أبو المكارم الاسعد بن المهذب بن مينا بن زكريا بن مماتي كاتب وشاعر و اداري مصري مسلم من اهل القرن السادس الهجري(3).
و اسم الجبلين تسمية اطلقت عليها في عهد العرب كما ذكرنا حيث اختفى اسم باثير القديم الى ان جاء عرب المطاعنة في القرن السادس عشر الميلادي واستوطونها فسميت باسمهم" المطاعنة " ثم "كيمان المطاعنه " .
فقد وردت باسم المطاعنة في دفاتر الروزنامة القديمة و في تاريخ سنة 1231هـ و من سنة 1888م وردت في دفاتر المساحة و المكلفات باسم كيمان المطاعنة لانها تتكون من الكوم الشرقي و الكوم الغربي و الكوم الاحمر و يتبعها عدة نجوع اخرى و ذكر جوتييه في قاموسه بان الاسماء المصرية القديمة لهذه الكفور و هي بحسب ترتيبها العربي aganiو soumnou و sroud.
ولا يزال يوجد بأراضيها جبل الشيخ موسى وقد كانت توجد بجواره محطة الجبلين التي تحمل اسمها العربي القديم و هي محطة سكة حديدية واقعة على جانب النيل الغربي بين أرمنت و إسنا ، و هي بخلاف السكة الحديدية الشرقية الموصلة الى اسوان ، أما اليوم فهذه المحطة غير موجودة حيث اصبح خط السكة الحديدي خاص بنقل قصب السكر من المنطقة الى مصانع سكر أرمنت واصبحت المنطقة أسفل جبل الشيخ موسى جبانة خاصة بدفن موتى أهل كيمان المطاعنة و ما يتبعها من قرى و نجوع وقد ورد في الطالع السعيد انه توجد بلدة تسمى ببويه و هي قرية بين قريتي الدمقراط و طفنيس و قال انها ببائين موحدتين ( 4) و قد اندثرت هذه القرية و مكانها اليوم البقعة التي بها مقام الشيخ موسى بجبل الشيخ موسى باراضي كيمان المطاعنة بمركز اسنا (1)
و الجدير بالذكر ان مدينتي "أصفون او أسفون " و طفنيس كانتا مدن مستقلة بأسمئها و قد اضيفت وصف المطاعنة لهما لاحقا بعد انشاء تفتيش باسم المطاعنة جنوب اصفون فقد جاء في القاموس الجغرافي للبلاد المصرية عن أصفون " .. ومن سنة 1888م وردت في دفاتر المكلفات باسم أصفون المطاعنة لأن أطيانها في ذلك الوقت كانت تابعة لتفتيش المطاعنة التابع للدائرة السنية و استمرت معروفة بهذا الاسم في جداول وزارة المالية الى اليوم ." و عن طفنيس قي المعجم الجغرافي للبلاد المصرية " و من سنة 1888م وردت في دفاتر المساحة و المكلفات باسم طفنيس المطاعنة لان اطيانها كانت في ذلك الوقت تابعة لتفتيش المطاعنة التابع للدائرة السنية و استمرت مميزة بهذا الاسم في جداول وزارة المالية الى اليوم ". (1)
و قد زادت شهرة المنطقة بعد ان اشترى الملك فؤاد تفتيش المطاعنة و أهداه الى ابنه و ولي عهده الملك فاروق و الذي بلغت مساحته ثلاثة الآف فدان تقريبا و اشتريت بسعر الفدان 105 جنيها و خصص الملك فؤاد 200 الف جنيه لشراء الاوراق المالية باسم ولي عهده فاروق.(5) و في خطط علي باشا مبارك ترجم للمطاعنة و ذكرها ضمن خططه فقال (المطاعنة : هذه الناحية جملة قرى من قسم اسنا غربي النيل و في شمال مدينة اسنا على مسافة اكثر من ساعة و هي قرية أسفون(اصفون) و قرية طفنيس و الكوم الشرقي و الكوم الغربي و قرية أسطيح مع جملة من كفور صغيرة و اشهر هذه القرى و أقدمها قرية أسفون" و يقول ايضا " و هذه القرى عامرة آهلة ذات مساجد مقامة الشعائر و ذات نخيل و اشجار و فيها اضرحة عليها قباب ابنيتها بالآجر و اللبن و أهلها يتكسبون من الزرع و من خدمة الدائرة السنية ، و على جسر أسفون مقام الامير غانم بن عياض الاشعري(من طبقة التابعين مات و دفن بالبرلس) و بجواره ساقية و أشجار و في شرقيها ترعة أسفون المتصلة بترعة العقيدي و بالقرب من فنها قنطرة بسبع عيون أنشئت في عهد الخديوي اسماعيل باشا سنة ثمان و ثمانين كما انشئت الترعة المذكورة في مدته ايضا و على شاطئ البحر تجاه تلك الناحية وابورات لسقي زراعة الدائرة منها وابوران لكل منهما قوة مائة حصان بخارية و وابور بقوة خمسة و عشرين و بين الوابورات فوريقة تشتمل على عصارتين قوتهما جميعا نحو أربعمائة حصان و تشتمل على مخازن على قدر كفاية العسل و السكر و ما يلزم للفوريقة و بجوار الفوريقة منازل مشيدة مبنية بالآجر و الدبش و اللبن لسكنى المستخدمين و بين تلك المنازل و البحر أشجار و بساتين و جسر متين و في غربي المنازل بساتين ايضا و باخرها الجنوبي قيسارية بدكاكين و قهاوي و في غربي ذلك محلات تسكنها الاهالي و بحري الفوريقة مخازن و شون و محلات ديوان الفوريقة و اصطبل للمواشي و من بحري ذلك كله جنينة عظيمة بدائر سورها أشجار الموز و فيها قصر مشيد و هناك بساتين و أشجار حافة بالجسور و المجاري من الجانبين ." (6)
هذا قطرة من بحر خضم عن هذه البلاد العريقة ذات التاريخ المجيد لعلي اكون قد قدمت معلومات تفيد الباحثين عن تاريخ و تراث الصعيد فما كان من توفيق فمن الله وحده و ما كان من خطأ فمن نفسي و الشيطان و واقول قولي هذا و استغفر الله العظيم لي و لكم .
كتبه:
عرفات البكري درغام المطعني
**************************
المصادر و المراجع :
(1) القاموس الجغرافي للبلاد المصريةبداية من عصر المصريين القدماء و حتى عام 1945م- أحمد رمزي ج1و ج4.
(2) التحة السنية باسماء البلاد المصرية الشيخ الامام شرف الددين ابن المقر بن الجيعان
ص191.
(3) قوانين الدواوين - الاسعد ابن مماتي الوزير الايوبي
توفي سنة 606هـ- 1209 م ص109.
(4) الطالع السعيد الجامع لاسماء الفضلاء و الرواة باعلى الصعيد كمال الدين
ابي الفضل جعفر بن ثعلب بن جعفر الادفوي سنة 748هـ ص10.(5) مجلة كان زمان العدد الاول : http://www.egypty.com/kan-zaman/first/maleem.htm
(6) الخطط التوفيقية لعلي باشا مبارك ج15 ص46 الطبعة الاولى1889م - 1306هـ المطبعة الاميرية ببولاق).ا.هـ .